تحمل جوالا؟.. إذن أنت لست بحاجة لتكبد عناء السفر إلى الطبيب المعالج، خاصة إذا كان خارج حدود بلدك، بكل بساطة بإمكانك وأنت جالس في منزلك أن تقيس الأكسجين في الدم بالأشعة تحت الحمراء، وترسم مخطط القلب، وتقيس درجة الحرارة، وترسلها إلى طبيبك المعالج أينما كان عبر تقنية البلوتوث الخاصة بالهواتف المحمولة.
إنها تقنية جديدة ابتكرها فريق بحث في جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الأردنية تعتمد على تصميم نظام متكامل للتطبيب عن بعد عبر استعمال الهواتف الجوالة الخاصة بالمرضى، وذلك بهدف تسخير تقنيات الاتصال وتقنية المعلومات لخدمة الأشخاص المتواجدين في المناطق النائية والبعيدة.
وقال رئيس فريق البحث الدكتور أشرف الطاهات -أستاذ هندسة الاتصالات والإلكترونيات في الجامعة-: إن "فكرة النظام تتلخص في قياس المريض بواسطة جهازه الجوال تركيز الأوكسجين في الدم بواسطة الأشعة تحت الحمراء ورسم مخطط القلب وقياس درجة الحرارة اعتمادا على تقنية البلوتوث".
وأضاف الطاهات: "إن الجهاز سيعرض المؤشرات الحيوية على شاشة الهاتف الخلوي ليتم حفظها أو إرسالها للطبيب المختص مباشرة"، وفقا لوكالة الأنباء الأردنية "بترا".
ويهدف المشروع، بحسب الطاهات، إلى تسخير تقنيات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في خدمة أفراد المجتمع خاصة المتواجدين في المناطق النائية والبعيدة، مؤكدًا أن هذا النظام مر في عدة مراحل تطوير وجهود بحثية تسلسلية ومتراكمة خلال السنوات الثلاث الماضية.
إشادة دولية
وحول إجازة الأوساط العلمية للفكرة، أوضح الطاهات أنه تم عرض النتائج الأولية للنظام في المجلات المتخصصة وفي مؤتمرات التطبيب عن بعد الدولية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا، وأنها لاقت استحسانا وتقديرا.
وبحسب تقدير الطاهات، فإن عدد مشتركي الهواتف الجوالة في العالم حوالي أربعة مليارات و300 مليون مشترك، مشيرا إلى إمكانية أن يصبح كل شخص من هؤلاء المشتركين مستفيدا محتملا من هذا النظام.
ويرى المتخصصون في هذا المجال أن التطبيب عن بعد يعتبر المصير المحتم للعلاج في المستقبل، حيث تعمل العديد من الدول على تطوير وإنشاء شبكات اتصالات متكاملة لهذا الغرض ووضع التشريعات والقوانين اللازمة لتطبيقه والارتقاء به.
التطبيب عن بعد
فكرة التطبيب عن بعد ليست بالجديدة، فقد بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، عندما أقدمت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا على دراسة التغيرات الفسيولوجية لرواد الفضاء خلال رحلاتهم الفضائية، كضغط الدم وسرعة ضربات القلب وحرارة الجسم بواسطة الأطباء على الأرض.
وأكد د. مصطفى خياتي أستاذ طب الأطفال بالجزائر أن الهدف الأساسي من التطبيب عن بعد هو تقديم خدمات طبية في المناطق الريفية، موازية لتلك التي تقدم في المدن الكبيرة والعواصم، حيث كان الهدف هو تقليل نفقات انتقال المريض والتواصل بين المريض والطبيب بما يوفر أكبر قدر من الراحة للمريض الذي قد يعاني من متاعب السفر إلى المدن الكبيرة والانتقال لمسافات بعيدة بما يضر بصحته.
وأضاف خياتي أن الطب عن بعد يستخدم كذلك بشكل أساسي في "المؤتمرات الطبية المرئية عن بعد"، والتي تسمح بالاتصال المباشر بالصوت والصورة للعديد من الأشخاص في العديد من المناطق المختلفة، حيث ينقل فعاليات المؤتمر عبر شبكة الاتصال إلى كل الراغبين في المشاركة.
وينقسم الطب عن بعد من حيث النقل إلى نوعين: الأول بنقل متزامن حيث يكون الاتصال والتفاعل في الوقت الحقيقي بين الطبيب ومريضه من جهة والاستشاري من الجهة الأخرى.
ويأتي ثانيا النقل اللامتزامن، حيث إن الطبيب يقوم بنقل وتوصيل أو توفير المادة الطبية بواسطة الفيديو، الكمبيوتر أو أي وسيلة أخرى ويتلقى أو يتحصل على الرد من الاستشاري في وقت لاحق.
إيجابيات ومخاوف
وتبرز إيجابيات الطب عن بعد والطب الإلكتروني في سياق علم الأمراض أن المجاهر المرئية عبر شبكات الاتصال العالمية تمكن من نقل صور تفصيلية للقطاعات النسيجية والتي تجعل تشخيص الأمراض أسهل وأكثر فاعلية، وخاصة في المستشفيات الصغيرة التي لا تتمتع بالإمكانيات التي تؤهلها للكشف الدقيق عن خبايا بعض الأمراض مما يسهل تشخيصها ومن ثم علاجها بالعلاج الجراحي المناسب.
في الوقت نفسه فإن الموضوع لا يخلو من تحفظات، حيث أبدى بعض الأطباء تخوفهم من أن تنحصر الاستفادة بهذه التكنولوجيا الجديدة في الطب في فئات معينة وهي الفئات الغنية التي تمتلك القدرة على شراء الوسائل التكنولوجية الحديثة؛ مما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين من يملك ومن لا يملك القدرة على شراء الوسائل التكنولوجية الحديثة.