وضعت لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي نهاية لتمثيلية فيروس AH1N1"" والمعروف إعلاميا بـ"فيروس إنفلونزا الخنازير"؛ وذلك بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الاتهام الذي وجهه د.فولفغانغ فوودراغ رئيسها إلى مسئولي منظمة الصحة العالمية، والمتعلق بوجود مصالح بين بعض مسئوليها وشركات الأدوية دفعت المنظمة إلى التعامل مع الفيروس بشكل غير علمي، أدى إلى إثارة حالة من الفزع والخوف ساعدت على رفع مبيعات هذه الشركات، وفي أول رد فعل لها على هذه الاتهامات قالت المتحدثة الرسمية باسم منظمة الصحة العالمية فضيلة شايب: إن المنظمة ستجري تقييما شاملا لسياساتها بخصوص مكافحة مرض إنفلونزا الخنازير وكل الجوانب الخاصة به؛ ردا على الانتقادات الشديدة التي وجهت إليها من اللجنة الأوروبية للصحة.
وجاءت هذه الاتهامات -التي صاحبها إعلان كل الدول الأوروبية وقف استيراد مصل الإنفلونزا من شركات الأدوية- لتثير الشكوك التي كان قد طرحها بعض الخبراء حول تعامل المنظمة مع الفيروس؛ وهو الأمر الذي لم يؤخذ حينها على محمل الجد؛ بسبب حالة الفزع العالمي التي خلقها مسئولو المنظمة، وجعلت أصوات هؤلاء الخبراء نشاذا وسط سيمفونية عالمية من الخداع والتضليل.
"الوباء الكاذب"
أحد أبرز هؤلاء الخبراء الذين أصابهم خبر الاتهامات بالاطمئنان، الدكتور صادق عبد العال استشاري طب الأطفال ومستشار وزير الصحة المصري السابق، الذي بح صوته في وسائل الإعلام مقللا من خطر ما سماه بـ"الوباء الكاذب".
وقال د.عبد العال لـ"إسلام أون لاين.نت": أعداد من يموتون بالإنفلونزا العادية كان أضعاف الوفيات من إنفلونزا الخنازير، ومع ذلك أصرت منظمة الصحة العالمية على تصوير الأمر كأنه وباء".
ورفعت منظمة الصحة درجة التحذير من المرض إلى المرحلة السادسة والأخيرة، والتي تعني تحول الفيروس إلى ما يسمى بـ"الجائحة"، بعد أن وصل عدد الوفيات إلى 30 ألف حالة في 74 بلدا، لكن هذا الرقم لم يكن مبررا كافيا للإعلان عن تحول الفيروس لجائحة، كما أكد د.عبد العال، معتبرا أن الأمر كان به تعجل وسوء نية من جانب منظمة الصحة العالمية.
وعلى قدر سعادة د.عبد العال بأن خيوط الحقيقة بدأت تظهر بإعلان لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي طلب التحقيق في القضية، لكنه قال: "لا تزل هناك غصة في الحلق بسبب ما حققته شركات الأدوية من أرباح بيع عقار التامفلو ومن بعده اللقاح بعد تمثيلية الخداع التي شاركت فيها منظمة الصحة العالمية".
حفظ ماء الوجه
والسؤال: لماذا تحركت المنظمة بعد اتهام لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي وقررت إعادة التقييم، لكنها لم تتحرك إبان الاتهامات الأخرى قبل ذلك؟
الدكتورة سحر طلعت أستاذة علم الأمراض بكلية طب القاهرة ترجع ذلك من ناحية إلى قوة الجهة التي خرجت عنها الاتهامات، ومن ناحية أخرى وأهم لأن المنظمة لم يعد لديها ما تحفظ به ماء وجهها.
وكانت المنظمة قد حذرت من فصل الشتاء الذي سينتشر فيه المرض بصورة كبيرة، ولكن مرور فصل الشتاء بنصف الكرة الشمالي، ومن بعده بنصف الكرة الجنوبي دون حدوث الاجتياح المرعب للفيروس الذي صورته المنظمة، أكسب ذلك من وجهه نظر د.سحر اتهامات لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي مصداقية كبيرة دعتها لحفظ ماء الوجه بقرار إعادة التقييم.
إجراء روتيني
من جانبه، وصف د.زهير حلاج، مستشار مكافحة الأمراض المعدية بمكتب إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة، قرار إعادة التقييم الشامل لسياساتها بخصوص إنفلونزا الخنازير بأنه إجراء روتيني تقوم به المنظمة بشكل دوري لتقييم سياستها.
وطالب د.حلاج في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" بعدم الربط بين تصريحات رئيس لجنة الصحة بالبرلمان الأوروبي وقرار إعادة التقييم؛ لأن رئيس اللجنة لا يمثل إلا نفسه، أما اللجنة نفسها فلم توجه أي اتهامات للمنظمة، وقال: "نحن دعينا لاجتماع اللجنة الخاص بمناقشة إنفلونزا الخنازير في 26 يناير الجاري، ولم تتضمن الدعوة من قريب أو بعيد أي اتهام".
وحول ما يثار عن أن مرضى الإنفلونزا العادية يفوق أعداد مرضى إنفلونزا الخنازير، تساءل حلاج: وهل من المفترض أن نترك الناس يموتون حتى من الإنفلونزا العادية؟! وأجاب: للعلم فإن 99% من حالات الإنفلونزا العادية التي يتم عزل الفيروس منها حاليا هي لإنفلونزا خنازير، ولولا تحذيرات المنظمة التي يسمونها "خلق الرعب" ما تعامل الناس بشكل جدي مع المرض.
وأضاف: هذا التعامل الجدي جعل الناس تهتم حتى بالإنفلونزا الموسمية وتحصل على اللقاح الخاص بها.
واستطرد حلاج: أما عن تصنيف الفيروس والقول إنه "وباء كاذب" فهذا مردود على د.فولفغانغ؛ لأن إنفلونزا الخنازير يطلق عليها "جائحة" وهي مرتبة تالية للوباء، ووفقا لتعريفات منظمة الصحة العالمية فإن الوباء هو المرض الذي ينتشر في دولة واحدة بشكل كبير، أما "الجائحة" فهي التي تنتشر في أكثر من بلدين، وهذا ما حدث مع إنفلونزا الخنازير.
وطبقا للإحصائيات التي ذكرها حلاج، فإن إنفلونزا الخنازير انتشرت في 74 بلدا بعد أول ظهور لها في أبريل، ثم وصلت إلى 129 بلدا في يوليو 2009.
وقال حلاج: عندما صنفنا إنفلونزا الخنازير على أنها جائحة لم نقل إنها من النوع الشديد، لكننا قلنا إنها "متوسطة"، وجاء ذلك استنادا إلى أنه فيروس ضعيف ترتفع معدلات الشفاء منه. وأضاف: كيف نخدع الحكومات ووزراء الصحة بها وهم الذين يختارون رئيس المنظمة ويملكون سحب الثقة منه؟!
الأربعاء مايو 26, 2010 9:01 am
