القاهرة – محرر مصراوي- بعيدًا عن السياسة ومشكلاتها وسجالاتها، تعيش مصر هذه الأيام عددا من القضايا النوعية التي شغلت الرأي العام خلال شهر يونيو، وفي مقدِّمتها قضيتان:
أولاهما، قضية مقتل الشاب السكندري خالد سعيد، والذي تعتبره الرواية الأمنية متّـهما بالاتجار في البانجو، وترجِّـع مقتله إلى ابتلاعه لفافة بانجو، فيما تقول الرواية الشعبية، التي يحكيها أهله وبعض شهود العِـيان، إن وفاته تمّـت نتيجة التعذيب على أيْـدي أفراد من الشرطة، وأيا كان السبب، فقد فتح مقتله ملف التعذيب في السجون وأماكن احتجاز المتّـهمين بأقسام الشرطة مجدّدا.
وثانيتهما: الأزمة التي ألقت بظلالها بين قطبَـيْ العدالة في مصر، المحامين والقضاة، إبّـان اتهام محامييْـن بالاعتداء على مدير نيابة، وما صاحبه من تصاعد الاحتجاجات ضد الحُـكم الصادر بحبس المحاميين خمسة أعوام مع التنفيذ.
وخلال السنوات الخمس التي مرّت على تعيينه في منصب النائب العام، برز بوضوح دور المستشار عبد المجيد محمود في الحياة اليومية للمصريين. فلا يكاد يمر يوم، إلا ويُـصدِر الرجل قرارا شافيا في قضية تشغل الرأي العام، مثل: "رشاوي مرسيدس" والقتلى المصريين في "كترمايا" اللبنانية واليونان ونيجيريا والكويت و"غرق العبارة" و"نواب ضرب النار" و"بيع التراث الغنائي المصري" و"مقتل الشاب خالد سعيد" و"شحنة القمح الفاسد" و"توريد أكياس دم فاسدة - هايدلينا" و"زواج القاصرات من الأثرياء العرب" و"المرأة الحديدية - هدى عبد المنعم" و"ألف ليلة وليلة"... إلخ.
بداية، أوضح المستشار زكريا عبد العزيز أن "النائب العام، طِـبقا للقانون، هو صاحب الدّعوى الجنائية وهو النائب العمومي المختصّ بالدفاع عن مصالح المجتمع. فأي جريمة تقع على أرض مصر أو خارجها ويكون أحد أطرافها مصري، يحق للنائب العام تحريك الدّعوى الجنائية فيها"، "وقد برز هذا الدّور منذ تعديل قانون السلطة القضائية، الذي أعدّه وقدّمه (لوزير العدل)، نادي القضاة عام 2003 أثناء فترة رئاستي للنادي، وقد حذفنا منه تبَـعية النائب العام لوزارة العدل، وذلك اعتمادا على أنه شخصية قضائية، ووزير العدل شخصية تنفيذية، ولكون الدستور يقوم أساسا على الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)".
وقال عبد العزيز: "وباعتماد تعديل قانون السلطة القضائية عام 2006، أصبح النائب العام غير خاضِـع لسلطة وتبَـعية وزير العدل، وإنما لرئيس الجمهورية مباشرة، وهو ما أعطاه حرية كبيرة، كانت سببًا في نشاطه البارز ودوره الملحوظ، والذي لمسه الشعب خلال السنوات الخمس الأخيرة منذ صدور قرار الرئيس مبارك في 1 يوليو 2006 بتعيين المستشار عبد المجيد محمود في منصب النائب العام".
وأضاف: "وحتى يكون النائب العام أكثر تحررًا، فإنني أطالب بأن لا يتم اختياره مباشرة من قِـبل رئيس الدولة وأن يكون اختياره عبْـر القضاة أنفسهم من خلال ترشيح الجمعيتيْـن العموميتين لمحكمتَـيْ النقض والاستئناف، لثلاثة أسماء ترفع لرئيس الجمهورية ليختار واحدا منهم لتعيينه في هذا المنصب الرفيع".
متفقا مع عبد العزيز، أشار سامح عاشور، نقيب المحامين السابق إلى أن "ما يقوم به المستشار عبد المجيد محمود - النائب العام - هو ذات الدّور الذي رسمه له القانون، ولهذا، فهو يستند إلى الشرعية في كل قراراته وتحرّكاته. أما عن كونك تستشعر حضورا زائدا له، فإن هذا يرجع لجُـرأته وقوة شخصيته وإصراره على استخدام ما منحه إياه القانون من سلطات وصلاحيات واختصاصات لخدمة المجتمع"، مشدّدا على أن "تحريره من التبَـعية لوزارة العدل من الناحية القضائية، أضفى عليه مزيدا من الحرية والجرأة وأضفى على المنصب أهمية ومهابة ووقارًا".