أنا والطماطم وصلصة الجوافة

بقلم احمد الليثي-ناداني زميلي في العمل "شريف" وقالي لي: تعال شوف "حسين" عامل حاجة جميلة قوي.

نظرت الى "حسين" - وهو راجل ديفيلوبر محترم وقد الدنيا - فوجدته يحمل علبة الطعام التي يحضرها معه من االبيت كل يوم وبها ما لذ وطاب مما اعدته له زوجته ليتناوله في موعد الغداء.

قال حسين: انا عملت تجربة جديدة امبارح في البيت وقدرت اعمل صلصلة من الجوافة.

قلتله: صلصلة جوافة؟ ازاي؟

قالي: الفكرة تعتمد على عصر الجوافة مع شوية فلفل احمر وبعدين تصفيها وتضيف ملح وكمية قليلة من صلصة الطماطم المعبأة الجاهزة عشان تدي صلصلة الجوافة اللون الأحمر وطعم صلصة الطماطم، وبكدة تبقى عملت صلصلة باستخدام الجوافة اللي سعر الكيلو منها جنيه ونصف بس بدل الطماطم اللي وصل الكيلو منها لـ 10 جنيه.

قلت لنفسي: والله شيء جميل اننا نلاقي بديل للسلع اللي سعرها بيرتفع بشكل جنوني وغير مبرر، لكن، هل سنتمكن من تطبيق هذه الاستراتيجية دائما أم سنظل نبحث عن بدائل دون معالجة اصل المشكلة، فبالامس بحثنا عن بدائل للحمة واليوم نبحث عن بدائل للطماطم واخشى ان نبحث غدا عن بديل للفول او حتى الخبز.

وعند طرح موضوع صلصلة الجوافة على مجموعة من زملائنا في العمل أكد بعضهم أن كثير من محلات الكشري يقومون بصنع الصلصة التي يتم تقديمها مع اطباق الكشري بهذه الطريقة.

وقال احدهم انه اصبح يضيف الفلفل الأحمر لطبق السلطة بدلا من الطماطم ليعطيه اللون الاحمر المميز.

عدت الى بيتي وعقدت ما يشبه مجلس الحرب مع زوجتي لدراسة كيفية عبور الازمة والتغلب على هذه الثمرة المجنونة المسماة بالطماطم، وطلبت من زوجتي ان تركز في الفترة المقبلة على طبخ كل ما ليس له علاقة بالطماطم وقلت لها: عايزك تركزي على طبخ الأصناف اللي الطماطم لا تدخل في مكوناتها من اول الكشك والبطاطس المحمرة والمكرونة المحمرة والملوخية والقلقاس وانتهاء بالمكرونة البشامل، رغم ما تسببه من ضغوط اقتصادية بسبب ما تتضمنه من لحمة مفرومة ولبن وبيض وخلافه.

كما اعطيتها تعليمات فورية باستبدال طبق السلطة الخضراء بالمخلل، وقلتلها: ماله الطرشي، كيس بجنيه ويكفينا يومين تلاتة زي الفل.

وبينما انا في خضم الاستعداد للمعركة، باغتتني ابنتي الصغيرة مريم بمفاجأة تكتيكتية لم اكن مستعدا لها وقالت لي: في المدرسة الميس قالتلنا نيجي بكرة لابسين عبايات والولاد هايلبسوا جلابيب عشان هانمثل سوق الخضار وهانعمل كأننا بياعين وناس بتشتري.

قولتلها: وماله يا حبيبتي البسي العباية بتاعتك وروحي، قالتلي: بس الميس قالت كل واحد يجيب معاه شوية خضار عشان نستعملهم في العرض.

وهنا اسقط في يدي، واخذت اضرب اخماسا في اسداس، وقلت لنفسي: هي كدة الطعنة ماتجيش غير من اقرب الناس ليك، يعني هاضطر اشتري كيلو طماطم على الأقل بالشيء الفلاني غير الكوسة والبطاطس والذي منه.

وبينما أنا غارق في حساب تكلفة هذا العرض الذي لم يكن على البال ولا على الخاطر جاءني الفرج على لسان ابنتي التي أخذت تهزني في محاولة لإعادتي لعالم الواقع، وقالت لي: "بابا بابا، الميس قالتلنا هاتو خيار أو بطاطس، وبلاش تجيبوا طماطم عشان غالية".

احتضنت ابنتي بقوة وقبلتها، ثم بوست ايدي وش وضهر... وتنفست الصعداء