شرائح كمبيوتر تكيف نفسها

في خطوة جديدة في عالم الكمبيوتر الذي لا يتوقف العلماء عن تطويره، توصلت مجموعة من العلماء في جامعة روشستر بالولايات المتحدة إلى تصميم نوع جديد من الشرائح chips تستطيع تعديل نفسها أثناء التشغيل؛ لتتكيف مع احتياجات البرامج المختلفة لتعمل بصورة أسرع مع تخفيض كمِّ الطاقة المستخدمة، ورغم ذلك فهي تتمتع بكافة مزايا طاقة التشغيل الضخمة التي تتمتع بها الشرائح الحالية.

وقد قام فريق العلماء بابتكار نموذج استخدموا فيه تلك الشرائح، وأطلقوا عليه Complexity-Adaptive Processing أو (CAP) أي المعالجة التي تكيف التعقيد، وتلك الشرائح الذكية تقوم بمراقبة الطريقة التي يستخدم بها البرنامج الذي يتم تشغيله المعالج الدقيق Microprocessor، ثم تقوم بتكييف المعالج processor تبعاً لهذه الطريقة، والنتيجة تشغيل عالي الكفاءة للمعالج مع عدم تباطؤ عند تشغيله في أكثر من مهمة في وقت واحد، وقد أظهرت الاختبارات الأولية أن هذا النموذج يستطيع أيضًا تخفيض استهلاك الطاقة في الشريحة إلى النصف رغم تحسينه للأداء.

يعتبر المعالج الدقيق الحالي - إلى حد ما - غير كفء عند تشغيله في أكثر من مهمة في وقت واحد؛ حيث إنه صُمِّم ليقوم بكافة المهام بنفس الجودة، وبالتالي فهو لا يتمتع بالمرونة الكافية ليعمل بأفضل ما يمكنه في برنامج محدد دون الآخر؛ لذلك فكر فريق البحث في إعطائه هذه المرونة.

وكان أول ما تطرقوا إليه أجزاء معينة في الشريحة لا تعمل بكفاءة مثل المخبأ cache، وهو نوع من أماكن التخزين السرية على الشريحة يتم فيه تخزين المعلومات التي يتم استخدامها بصورة متكررة؛ لكي يسهل الوصول إليها، و يحتوي المعالج الدقيق الحالي على نوعين من تلك المخابئ أحدهما كبير وبطيء يعمل كنسخة احتياطية والآخر صغير وسريع، ورغم ثبات حجم تلك المخابئ في كل المعالجات الدقيقة الحالية فإن البرامج المختلفة تحتاج إلى أحجام مختلفة منها لتعمل بصورة أفضل، وهنا يأتي دور الـ CAP حيث يلعب نفس دور منظم الحرارة في أنظمة التبريد، فقد صمم لمراقبة البرنامج أثناء تشغيله وتعديل حجم وسرعة تلك المخابئ على حسب احتياج البرنامج موفرًا بذلك الطاقة والوقت اللذَيْن كانا يستهلكان لأحجامها الثابتة.

ولم يتوقف فريق البحث عند هذا الحد فقد شمل التطوير أيضًا تغيير قيمة "الواحد الصحيح"، فالشرائح الدقيقة تقوم بإرسال المعلومات على هيئة "أصفار" و "آحاد"، حيث يمثل الصفر بعدم وجود قوة محركة كهربية أما الواحد فيمثل بقوة كهربية عالية إلى حد يجعلها واضحة عن التشويش الناتج عن تدفق التيار الكهربي في الشريحة، وعن طريق التحكم في حجم الشرائح الدقيقة على غرار المخابئ يمكن للعلماء تقليل حجم التشويش في أجزاء محددة من الشريحة، مما يتيح تخفيض القوة الكهربية الممثلة للواحد، وبالتالي توفير كم أكبر من الطاقة وكحجم المخابئ تتحكم متطلبات البرنامج الذي يتم تشغيله، التي يرصدها الـ CAP في تعديل الشرائح الدقيقة، وبالتالي في قيمة القوة الكهربية الممثلة للواحد، ويمكن أن يتم هذا التعديل ملايين المرات في الثانية الواحدة.

إن بعض المعالجات الحالية مثل Pentium III بها خيار لتخفيض القوة الكهربية؛ وذلك للحفاظ على حياة البطارية في الكمبيوتر المحمول لأطول فترة ممكنة، ولاشك أن هذا يتطلب تخفيض سرعة التشغيل، أما الـ CAP فإنه يعمل على الحفاظ على حياة البطارية أطول فترة ممكنة مع الاحتفاظ بسرعة التشغيل في معدلها أو أسرع من الحالي.

لقد أصبح العالم اليوم عالمًا لاسلكيًّا، وهذا يعني استخدامًا أكثر للبطاريات، إلا أن التطور الهائل الذي يشهده الكمبيوتر لم يطور تكنولوجيًّا البطاريات بالحد الكافي الذي يناسب الإمكانيات الجديدة للكمبيوتر، وبالتالي فإن الشرائح الجديدة ستتيح تشغيل الكمبيوتر المحمول بالكفاءة والسرعة المطلوبة مع الاحتفاظ بحياة البطارية أطول فترة ممكنة.