"لو أصيب ابني بمرض إنفلونزا الخنازير فسيتداوى بالمصل المتوافر، ولكن لماذا أوافق على أن يأخذ تطعيما لم تجر عليه الاختبارات الكافية ولا أحد يعرف الأعراض والآثار الجانبية التي يمكن أن تحدث لمن يتناوله، وقد يصاب بعدها بأمراض أخطر من إنفلونزا الخنازير؟".
الجملة السابقة تتردد الآن على ألسنة معظم أولياء أمور تلاميذ المرحلة الابتدائية بمصر؛ حيث قامت وزارة الصحة بحملة تستهدف تطعيم التلاميذ ضد فيروس الإنفلونزا الجائحية "H1N1" المعروفة بين العامة باسم "إنفلونزا الخنازير"، وذلك بعد توقيع أولياء الأمور على إقرارات بالموافقة أو الرفض؛ وهو الأمر الذي يواجهه كثير من المعوقات، نظرا لتخوف الكثير من الآباء والأمهات من هذا التطعيم، وما يمكن أن يترتب عليه من آثار جانبية.
فئران تجارب!
وزارتا الصحة والتربية والتعليم المصريتان تبذلان في الوقت الحالي قصارى جهدهما من أجل إقناع المواطنين بمأمونية التطعيم، لكن ما يثير المخاوف هو الإقرار الذي يصاحب عملية التطعيم، وهو يفيد بموافقة ولي أمر الطالب أو رفضه التطعيم؛ وهو ما يعتبره البعض جزءا من تحمل ولي الأمر لمسئولية الآثار الجانبية التي قد تنجم عن التطعيم، لذا فضل كثير من أولياء أمور التلاميذ التوقيع بالرفض على الإقرار؛ نظرا للآثار الجانبية التي يمكن أن تنجم عن التطعيم على المدى البعيد، وخاصة ما يتردد بين العامة بأن المصل المتوافر حاليا يؤدي تناوله للإصابة بالأورام الخبيثة على المستوى البعيد!
الآثار الجانبية المجهولة ليست هي الوحيدة التي يعتد بها أولياء الأمور في رفض تطعيم أبنائهم، فهناك أسباب أخرى، منها ما يذكره "ممدوح صالح" أحد أولياء الأمور، والذي رأى أن الأطفال في السن الأقل من عشر سنوات لا يقاوم جهازهم المناعي المصل المضاد لإنفلونزا الخنازير، رافضا أن يكون ابنه فأر تجارب لشركات الدواء العالمية.
وحول أسباب رفضه تطعيم أبنائه، رأى المهندس أشرف محمود أنه لا يثق فيما يقوله المسئولون الحكوميون، فحتى إن كان المصل مأمونا من الناحية الطبية، فما يدريني أن المصل غير منتهي الصلاحية؟
مبررات مرفوضة
المخاوف السابقة يبددها الدكتور عبد الرحمن شاهين، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية؛ حيث ناشد أولياء أمور الطلبة والمواطنين وطلب منهم الاطمئنان وعدم الذعر من تطعيم أبنائهم بالمدارس بالمصل الواقي من إنفلونزا الخنازير، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي مبرر للخوف من درجة أمان المصل.
وأكد د.شاهين أن المصل تم استخدامه لأكثر من 120 مليون شخص على مستوى العالم، ولـ 78 ألف حاج مصري هذا العام دون حدوث أي أعراض جانبية خطيرة أو غير متعارف عليها، وهذا أكبر دليل على أمان وفاعلية اللقاح.
كما أوضح أن ما سيتم التوقيع عليه من جانب أولياء الأمور هو الموافقة أو الرفض على التطعيم، وليس لتحمل مسئولية الآثار الجانبية، ولكن للتأكد من عدم وجود موانع للتطعيم لدى الطفل، مثل الحساسية من أكل البيض، أو وجود حساسية شديدة من التطعيمات أو الأدوية، أو وجود تاريخ مرضي لحدوث الحساسية بعد تطعيم سابق بلقاح الإنفلونزا الموسمية، إضافة إلى مانع آخر، وهو ارتفاع درجة حرارة من سيتم تطعيمه؛ حيث يتم تأجيل عملية التطعيم له لحين زوال الحرارة.
وأما الأعراض الجانبية للتطعيم، فيؤكد الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع مكافحة العدوى في وزارة الصحة المصرية، أنه لم يتم الإبلاغ عن أي آثار جانبية شديدة، وما تم الإبلاغ عنه ورصده هي آثار بسيطة مثل ألم واحمرار وتورم بسيط مكان الحقن، وارتفاع طفيف في درجة الحرارة، وألم بالجسم والمفاصل، وصداع، والتي تعد آثارا تفاعلية للمصل داخل الجسم وليست آثارا جانبية للمصل، ولا تحدث الأعراض إلا لبعض الأفراد.
الوقاية.. بديلا
ورغم تأكيدات وزارة الصحة المصرية على أهمية التطعيم ومأمونية المصل، فإن المخاوف لا تزال قائمة لدى بعض أولياء الأمور الذين يمنعون أبناءهم من الذهاب للمدارس، ووقع الكثير منهم بالرفض على الإقرارات، ضاربين بتأكيدات منظمة الصحة العالمية حول مأمونية اللقاح عرض الحائط.
هذه المخاوف المبررة والمشروعة من قبل أولياء أمور ليست واقعة تخص مصر وحدها، فبحسب استفتاء أجرته مؤخرا وزارة التربية والتعليم السعودية تبين أن 85،44% من المواطنين أعربوا عن رفضهم أخذ تطعيم "إنفلونزا الخنازير"؛ خوفا من الآثار الجانبية التي يمكن أن تحدث، كما رفضت فنلندا رفع درجة التحذير من مرض إنفلونزا الخنازير إلى الحالة الوبائية، ولم تجبر مواطنيها على أخذ التطعيم، في حين عبر الكثير من الأطباء البريطانيين عن رفضهم للتطعيم؛ لأنهم يخشون آثاره الجانبية، أو يعتقدون أن الفيروس أضعف من أن يثير قلقهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ماذا يمكننا أن نفعل في ظل فيروس يرى البعض أنه يمثل خطرا على البشرية، بينما يرى آخرون أنه أقل من أن يثير القلق؟
بالطبع لا يمكننا في "إسلام أون لاين.نت" النصح بأخذ التطعيم أو الامتناع عن تناوله؛ لأن هذا الأمر ما زال يشكل خلافا بين الأطباء حتى في الدول الغربية كما ذكرنا، وما يمكن أن نقدمه هو مجموعة من الإرشادات التي يمكن أن تشكل في مجملها عوامل وقاية جيدة ضد الفيروس، فهناك نصائح وإرشادات عامة حددتها منظمة الصحة العالميةوهي:
- الابتعاد عن المرضى.
- الالتزام بالنظافة الشخصية وآداب العطس والسعال.
- تجنب الازدحام والتلامس بالأيدي.
- الاستعمال الصحيح للأقنعة الواقية.
- الحرص على التهوية الطبيعية والجيدة، والحرص على التهوية الجيدة في أماكن الجلوس وغرف النوم.
- تجنب لمس العين والأنف والفم.
- الحرص على تغطية الفم بمنديل ورقي أثناء العطس ثم إلقائه في سلة المهملات.
- غسل الأيدي جيدا باستمرار.
وهناك إرشادات أخرى يحددها د.مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للمناعة والحساسية، والتي يمكن أن يمثل الالتزام بها طريقا جيدا للوقاية من المرض، منها أخذ قسط كاف من النوم لتنشيط الجهاز المناعي، وتناول العديد من الأطعمة التي تساهم كثيرا في الوقاية من الإصابة بفيروسات البرد والإنفلونزا مثل (الثوم - البصل - البردقوش - التفاح - الكركم - عسل النحل...) طالع القائمة الكاملة للإرشادات (النوم والثوم.. مفاتيح سلامتك من برد الشتاء) .
الأربعاء مايو 26, 2010 9:04 am
